أمراض الأطفال

القولون العصبي عند الأطفال: الأعراض والأسباب وطرق العلاج

القولون العصبي عند الأطفال: الأعراض والأسباب وطرق العلاج

القولون العصبي عند الأطفال: الأعراض والأسباب وطرق العلاج

يُعتبر القولون العصبي من أكثر الاضطرابات الهضمية شيوعاً لدى الكبار، لكنه قد يُصيب الأطفال أيضاً ويؤثر على حياتهم اليومية بشكل ملحوظ. يُعرف هذا الاضطراب بكونه وظيفياً، أي أن القولون لا يعاني من مشكلة عضوية واضحة مثل الالتهاب أو القرحة، بل يتأثر بوظائفه نتيجة اضطراب في التواصل بين الأمعاء والدماغ. عند الأطفال، يمكن أن يتسبب القولون العصبي في آلام متكررة في البطن، انتفاخ، إسهال أو إمساك، مما يؤدي إلى قلق الأهل وتأثر نفسية الطفل وأدائه المدرسي والاجتماعي.

في هذا المقال سنتناول شرحاً وافياً حول القولون العصبي عند الأطفال، بدءاً من تعريفه وأسبابه، مروراً بأعراضه ومضاعفاته، وصولاً إلى طرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى النصائح العملية للأهل لمساعدة أطفالهم في التعايش مع هذا الاضطراب.

القولون العصبي عند الأطفال: الأعراض والأسباب وطرق العلاج
القولون العصبي عند الأطفال: الأعراض والأسباب وطرق العلاج

أولاً: ما هو القولون العصبي عند الأطفال؟

القولون العصبي أو متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome – IBS) عند الأطفال هو اضطراب مزمن يصيب الأمعاء الغليظة، ويؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض الهضمية المتكررة. يتميز بكونه اضطراباً وظيفياً، حيث لا تُظهر الفحوصات الطبية التقليدية وجود مشكلة عضوية أو تلف في الأمعاء، لكن الطفل يستمر في المعاناة من الأعراض.

يُعتبر هذا المرض من الاضطرابات المزمنة التي قد تستمر لفترة طويلة، وقد تتحسن الأعراض أو تسوء تبعاً للضغوط النفسية والعادات الغذائية. ورغم أنه لا يُشكل خطراً مباشراً على حياة الطفل، إلا أن تأثيره على نوعية الحياة كبير، ويستوجب رعاية خاصة.

ثانياً: أسباب القولون العصبي عند الأطفال

حتى الآن لم يتمكن الأطباء من تحديد سبب واحد مباشر للقولون العصبي، لكن هناك مجموعة من العوامل التي يُعتقد أنها تتداخل لتؤدي إلى ظهور الأعراض عند الأطفال، ومن أبرزها:

1. اضطراب في حركة الأمعاء
القولون لدى الأطفال المصابين قد يتحرك بسرعة أكبر مما يؤدي إلى الإسهال، أو ببطء أكبر مما يسبب الإمساك.

2. فرط الحساسية في الأمعاء
أمعاء الطفل تكون أكثر حساسية من المعتاد للغازات أو التمدد، مما يُسبب شعوراً مبالغاً فيه بالألم أو الانتفاخ.

3. خلل في التواصل بين الدماغ والأمعاء
هناك ما يُعرف بمحور الدماغ – الأمعاء، وهو المسؤول عن تنظيم حركة الأمعاء والشعور بالألم. أي خلل في هذا التواصل قد يؤدي إلى ظهور أعراض القولون العصبي.

4. العوامل النفسية
التوتر، القلق، أو الضغوط المدرسية والعائلية يمكن أن تزيد من شدة الأعراض أو تُحفز ظهورها.

5. الالتهابات المعوية السابقة
بعض الأطفال يُصابون بالقولون العصبي بعد تعرضهم لالتهاب حاد في المعدة أو الأمعاء نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيرية.

6. العوامل الوراثية
لوحظ أن القولون العصبي قد يكون أكثر شيوعاً بين الأطفال الذين لديهم أحد الوالدين أو الأشقاء مصابين بنفس الاضطراب.

7. الحساسية أو عدم تحمل بعض الأطعمة
مثل اللاكتوز (سكر الحليب) أو الغلوتين، حيث تؤدي هذه المواد إلى زيادة حدة الأعراض.

ثالثاً: أعراض القولون العصبي عند الأطفال

تختلف الأعراض من طفل لآخر، لكنها غالباً ما تشمل:

1. آلام متكررة في البطن
غالباً ما تتركز في الجزء السفلي أو حول السرة، وقد تتحسن بعد التبرز.

2. تغير في نمط التبرز

إسهال متكرر.
إمساك مزمن.
نوبات متناوبة من الإسهال والإمساك.

3. انتفاخ وغازات
شعور بالامتلاء أو الغازات الزائدة، خاصة بعد تناول بعض الأطعمة.

4. الحاجة الملحة للتبرز
قد يشعر الطفل فجأة بحاجة قوية لدخول الحمام.

5. وجود مخاط في البراز
وهي من العلامات المميزة لمتلازمة القولون العصبي.

6. أعراض غير هضمية
مثل الصداع، صعوبة النوم، أو الإرهاق العام.

رابعاً: مضاعفات القولون العصبي عند الأطفال

رغم أن القولون العصبي لا يسبب أضراراً عضوية خطيرة، إلا أن تأثيره النفسي والاجتماعي قد يكون كبيراً:

1. تأثير على الأداء الدراسي
غياب الطفل المتكرر عن المدرسة بسبب الأعراض أو المراجعات الطبية.

2. تأثير نفسي
القلق والاكتئاب الناتج عن استمرار الأعراض وصعوبة التعايش معها.

3. اضطراب في الحياة الاجتماعية
تجنب الطفل للأنشطة الاجتماعية أو الرحلات بسبب خوفه من ظهور الأعراض.

4. تأثير على النمو
في بعض الحالات النادرة قد يؤدي ضعف الشهية أو تجنب الأطعمة إلى نقص في التغذية ونمو أبطأ من الطبيعي.

خامساً: تشخيص القولون العصبي عند الأطفال

يعتمد التشخيص بشكل أساسي على التاريخ المرضي والأعراض، بالإضافة إلى استبعاد الأمراض الأخرى. تشمل خطوات التشخيص:

1. أخذ التاريخ الطبي المفصل
يسأل الطبيب عن طبيعة الألم، مدة الأعراض، العوامل المحفزة، والتاريخ العائلي.

2. الفحص السريري
للتحقق من سلامة البطن وغياب علامات المرض العضوي.

3. الفحوصات المخبرية
قد تشمل تحاليل دم وبراز لاستبعاد العدوى أو أمراض الأمعاء الالتهابية.

4. الفحوصات الإشعاعية أو التنظيرية
يتم اللجوء إليها فقط إذا شك الطبيب في وجود أمراض أخرى مثل التهاب القولون التقرحي أو مرض كرون.

5. معايير روما التشخيصية
وهي معايير دولية تُستخدم لتشخيص القولون العصبي عند الأطفال والبالغين، وتعتمد على وجود ألم بطني متكرر مع تغير في نمط التبرز لمدة لا تقل عن 3 أشهر.

سادساً: طرق علاج القولون العصبي عند الأطفال

لا يوجد علاج نهائي للقولون العصبي، لكن هناك العديد من الطرق التي تساعد في التحكم بالأعراض وتحسين جودة حياة الطفل.

 1. العلاج الغذائي

تجنب الأطعمة المحفزة مثل الأطعمة الغنية بالدهون، المقليات، المشروبات الغازية، الأطعمة الحارة.
تجنب الأطعمة المسببة للغازات مثل البقوليات والكرنب والبصل.
تجربة حمية FODMAP منخفضة الكربوهيدرات القابلة للتخمر تحت إشراف الطبيب.
زيادة الألياف الغذائية خصوصاً في حالة الإمساك، مع الحرص على إدخالها تدريجياً.
الحرص على شرب كمية كافية من الماء يومياً.

2. العلاج الدوائي

مضادات التقلصات لتخفيف آلام البطن.

الملينات الخفيفة في حالة الإمساك المزمن.

أدوية مضادة للإسهال عند الحاجة.
البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) لتحسين توازن البكتيريا في الأمعاء.

في بعض الحالات قد يصف الطبيب أدوية مضادة للقلق أو الاكتئاب بجرعات صغيرة لتقليل فرط حساسية الأمعاء.

3. العلاج النفسي والسلوكي

العلاج السلوكي المعرفي يساعد الطفل على التعامل مع القلق والتوتر المرتبط بالأعراض.
تمارين الاسترخاء والتنفس العميق لتقليل التوتر.
تشجيع الطفل على ممارسة النشاط البدني المنتظم.

4. الدعم الأسري والمدرسي

شرح طبيعة المرض للطفل ليطمئن أنه ليس خطيراً.
التعاون مع المدرسة لتفهم حالة الطفل.
توفير بيئة أسرية داعمة تخفف من الضغوط النفسية.

سابعاً: نصائح عملية للأهل لمساعدة الطفل

1. مراقبة الأطعمة التي تزيد الأعراض وتجنبها.
2. تشجيع الطفل على تناول وجبات صغيرة ومتعددة بدلاً من وجبات كبيرة.
3. غرس عادات نوم جيدة، لأن قلة النوم تزيد من حدة الأعراض.
4. عدم إجبار الطفل على الأكل إذا شعر بالامتلاء.
5. تعزيز ثقة الطفل بنفسه والتقليل من قلقه حول حالته.
6. مراجعة الطبيب بشكل دوري لمتابعة تطور الأعراض.

ثامناً: أسئلة شائعة حول القولون العصبي عند الأطفال

هل القولون العصبي خطير على حياة الطفل؟
لا، لكنه قد يؤثر على جودة حياته إذا لم تتم السيطرة على الأعراض.

هل يشفى الطفل مع التقدم في العمر؟
قد تتحسن الأعراض مع مرور الوقت، لكن بعض الأطفال يظلون يعانون منها حتى مرحلة المراهقة والبلوغ.

هل يمكن أن يكون القولون العصبي وراثياً؟
نعم، هناك دور للعوامل الوراثية، حيث يُلاحظ انتشاره بين أفراد العائلة الواحدة.

هل الأدوية ضرورية دائماً؟
ليس بالضرورة، ففي كثير من الحالات يُمكن السيطرة على الأعراض عبر تعديل النظام الغذائي ونمط الحياة.

 

القولون العصبي عند الأطفال ليس مجرد اضطراب هضمي عابر، بل هو حالة مزمنة تحتاج إلى فهم عميق ورعاية مستمرة. ورغم أنه لا يُشكل خطراً على حياة الطفل، إلا أن تأثيره على نفسيته ودراسته وحياته الاجتماعية يستوجب تدخلاً مبكراً. إن اتباع نظام غذائي صحي، مع توفير الدعم النفسي والأسري، والالتزام بالعلاج عند الحاجة، كلها خطوات كفيلة بمساعدة الطفل على التعايش مع القولون العصبي والتقليل من تأثيره على حياته اليومية.

يبقى دور الأهل محورياً في مراقبة الأعراض وتوفير البيئة الداعمة، إضافة إلى التعاون مع الأطباء والمعلمين لضمان أن يعيش الطفل حياة طبيعية قدر الإمكان رغم وجود هذا الاضطراب.

 

السابق
الفيروس المضخم للخلايا (CMV): الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج
التالي
ما هو الصداع الهرموني؟ أسبابه وأعراضه وطرق العلاج