علاجات

سرطان القولون والمستقيم:اسباب المرض-طرق العلاج المختلفة

سرطان القولون والمستقيم

سرطان القولون والمستقيم. 

تشير البيانات المنشورة حديثاً إلى فشل جهود نشر الوعي الصحي بين المواطنين سواء كانت حملات إعلامية أو ورشات عمل تنظم خصيصاً من أجل الحث على أهمية الفحص الوقائي في اكتشاف سرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة. هكذا تشير البيانات الإسترجاعية إلى اكتشاف 54 ألف إصابة بالسلائل في منطقة القولون والمستقيم أثناء تنظير القولون الذي طبق في فحص 270 ألف شخص يتراوح عمرهم بين 55 – 99 عام (20%)، شُخّص منها 432 حالة سرطان (1,63%) أكثر من 70% منها في المرحلتين الأولى والثانية. من المؤسف أن 3% فقط من هؤلاء الأشخاص شاركوا في الفحص الوقائي الاختياري وخلال المقال سنتعرف مع دكتور اوفر عن اهم طرق العلاج التي يمكن ان نلجا اليها عند التعرض لمثل هذا النوع من الامراض. 

 وبائيات سرطان القولون والمستقيم.

يحتل سرطان القولون والمستقيم المركز الثاني بعد سرطان البروستاتة في الذكور وسرطان الثدي في الإناث على المستوى العالمي، حيث تسجل مليون إصابة جديدة سنوياً، يتوفى منها 600 ألف حالة. يتوقع ارتفاع عدد الحالات في الدول الصناعية حتى عام 2030 بما يعادل 50% من الإحصائيات الحالية. يقدر معدل البقاء في سرطان القولون بعد خمسة أعوام حالياً بحوالي 50% ، بينما ترتفع تلك النسبة في سرطان المستقيم.

إلى جانب العوامل العرقية والوراثية، يلعب كل من التدخين والعادات الغذائية وقلة الحركة إلى جانب تأثيرات البيئة دوراً هاماً في الإصابة بسرطان القولون. كما يلعب التغيير العام في أسلوب الحياة في العصر الحديث دوراً حاسماً في زيادة عدد حالات سرطان القولون والمستقيم.

هذا وتنصح الإرشادات الصحية العامة بتطبيق ما يلي:

– التغذية السليمة وخفض مقدار اللحوم والسكريات مع زيادة تناول الأغذية الغنية بألياف.

– زيادة الحركة والنشاط الرياضي خاصة مع امتداد فترات الجلوس أثناء العمل

– أثبتت عدد من الدراسات المعتمدة وجود علاقة مباشرة بين التدخين مدى سنوات طويلة وبين ارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون.

الفحص الوقائي لسرطان القولون والمستقيم.

تطبيق الفحص المجموعي بداية من عمر 55 سنة مازال الأسلوب الذهبي في تشخيص السرطان. ويمكن عمل الفحص الوقائي قبل هذا العمر في الحالات التي يرتفع فيها خطر الإصابة، مثلاً مع وجود إصابات أسرية سابقة بالسرطان، أو عند الحصول على نتائج إيجابية في فحص البراز، أو مع الإصابة بأمراض معينة مثل السكري أو السلائل الوراثية أو التهابات القولون المزمنة ومنها مرض كروهن أو التهاب القولون التقرحي. عامة ينصح بتنظير القولون الوقائي على فترات 10 سنوات، ما عدا في الحالات التي يظهر فيها الفحص الباثولوجي للخزعة نتائج مشكوك فيها.

تتوافر حالياً أساليب فحص وديعة غير باضعة مثل تنظير القولون الافتراضي (الموجه بالتصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي) أو الأسلوب الحديث للتنظير بالكبسولة. وبالرغم من الحصول على نتائج موثوقة في اكتشاف أية تغيرات بالقولون، لا يسمح هذا الأسلوب بعمل الخزعة أو إزالة السلائل أثناء الفحص. وعلى الرغم من زيادة الاكتشاف النوعي للتغيرات داخل القولون مع التقدم العلمي والفني، مازال هناك الكثير من التحفظات على تطبيق التنظير في حالات معينة ( عند وجود دواعي محددة في الحالة الفردية).

يشهد تنظير القولون التقليدي تطورات متواصلة، فتتزايد أهمية أساليب جديدة في التشخيص بشكل متواصل ومنها التعريف العالي والتنظير بالألوان والتنظير المجهري، حيث أثبتت كفاءة عالية في التشخيص التفريقي، إلى الحد الذي شجع الكثير من الأطباء على دمج تلك الأساليب الحديثة ضمن الفحص الوقائي المجموعي. عامة يمكن القول أن تنظير القولون المنتظم يوفر فوائد هامة حيث أنه يعمل على اكتشاف 70% من حالات سرطان القولون في المراحل المبكرة. كما أن تشجيع المرضى على الاشتراك في الفحص الوقائي بداية من عمر 55 سنة يساعد على خفض معدل وفيات سرطان القولون بما يعادل 90% طبقاً للتقديرات الأخيرة.

من الملاحظ أن عدد المشاركين في الفحص الوقائي الاختياري ضئيل جداً (اختبارات البراز الخاصة وفحص القولون والمستقيم والتنظير وغيرها)، فتشير الإحصائيات المنشورة إلى أن النسبة لم ترتفع عن 3 – 9% في الأعوام الخمس الماضية، ولا يتوقع الخبراء أن تزيد تلك النسبة عن 20% على الأقصى في الأعوام القادمة.

يدور نقاش في الأوساط الطبية حالياً حول إمكانية تطبيق الفحص الوقائي المبكر بداية من عمر 40 سنة بناء على الارتفاع الملاحظ في عدد حالات سرطان القولون في مراحل العمر المبكر.

سرطان القولون والمستقيم
سرطان القولون والمستقيم

 مسببات المرض وعوامل الخطر.

تنقسم مسببات المرض إلى عوامل داخلية المنشأ وأخرى خارجية إلى جانب التغذية الخاطئة وارتفاع الخطر في العمر بعد 40 عاما. تشمل عوامل الخطر عوامل فردية مثل الإصابة بالورم القولوني الغدي والتهابات القولون المزمنة المصاحبة بفرط التنسج الشديد والإصابة بسرطانات الجهاز التناسلي الأنثوي، بينما تضم العوامل الوراثية الإصابة الأسرية السابقة بالسلائل الغددية أو متلازمة الورم الغدي المسطح الوراثية HFAS أو متلازمة PJS أو الإصابة الوراثية بسرطان القولون والمستقيم أو إصابة أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى بسرطان القولون.

تصنيف درجات السرطان حسب نتائج الفحص المجهري

 تختلف نسب الإصابة بالسرطانات المختلفة حسب شكل الورم، فقد يظهر السرطان في شكل قرح (60%) أو سلائل (25%) أو في شكل صفائح مسطحة (15 – 20%) أو حتى في شكل تليف في بعض الحالات النادرة (1%). تصاحب 20% من جميع أنواع سرطانات القولون عند التشخيص الأول بالنقائل، والذي يرجع إلى تخلل الورم إلى الأوعية الدموية واللمفية الموضعية. يحدث ذلك على الأخص مع الأورام التي تصيب القولون في مستويات عالية حيث تنتشر النقائل على طول الوريد المساريقي العلوي وحتى الوريد الباب لتصل إلى الكبد، بينما تحدث الإصابة بالنقائل على طول مسار الوريد المستقيم المتوسط والسفلي لتصل حتى الرئة في أورام المستقيم. يبين الجدول 1 تصنيف درجات السرطان حسب نتائج الفحص المجهري، بينما يبين الجدول 2 مراحل المرض المختلفة حسب تصنيف نظام TMN، والتي يعتمد عليها تحديد أساليب العلاج التالي (اختيار الأسلوب الجراحي أو تطبيق العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، والرعاية التالية).

تصنيف TNM الإكلينيكي لأورام القولون والمستقيم.

أصبحت أساليب العلاج المبكر في الوقت الحاضر مثل الاستئصال الجراحي الموضعي تطبق بشكل متزايد، سواء كانت في شكل استئصال الجدار بالكامل أو الاستئصال بالمنظار (خاصة في التغيرات الغدية المسطحة). تكفي هذه الأساليب في الكثير من الحالات لإزالة الورم بالكامل، وتحقق نتائج مآلية جيدة جداً في الحالات المصاحبة بالخطر الضئيل.

يعتمد النجاح على استئصال الورم بالكامل بالإضافة إلى جزء من الأنسجة الصحيحة وهو ما يبينه الفحص الهيستولوجي (Resection 0). ترجع معظم حالات الانتكاس الموضعي التي غالباً ما تحدث خلال العامين الأوليين بعد الجراحة، نتيجة للقطع الخاطئ حيث يثبت الفحص الهيستولوجي قطع (Resection 1) وليس قطع (Resection 0) كما يعتقد الجراح.

 مرحلة ما قبل الجراحة.

إلى جانب الفحص الإكلينيكي وتسجيل تاريخ المرض، تمثل الاختبارات المخبرية دوراً هاماً (تركيز المستضدات الكربوهيدراتية 19-9 CA والمستضد السرطاني المضغي في المصلCEA ). ومع ذلك فلا يعطي عدم ارتفاع تركيز تلك المتغيرات في إطار النتائج المخبرية الأخرى أية دلائل على درجة انتشار السرطان المحتمل. وحتى على الرغم من عدم تصنيف المستضد السرطاني المضغي كاختبار نوعي، يجب تحديد تركيزه قبل الجراحة لكي يستخدم بعد الجراحة في تقييم مجرى العلاج.

 وعلى العكس، عند الحصول على نتائج إيجابية لاختبار الدم في البراز والذي يرجع في 80% من الحالات إلى أسباب غير سرطانية (بغض النظر عن أسلوب الاختبار) يجب توخي الحظر وعمل تنظير القولون.

كما يجب أن يطبق فحص المستقيم الروتيني بالمنظار كأسلوب معياري وذلك بسبب ارتفاع عدد الإصابات بالسرطان في مستويات عالية حيث تمثل التغيرات المرضية في الجزء الأول (30 سم) من منطقة الشرج والمستقيم والقولون السيني 60% من الأورام. ويجب هنا توجيه الانتباه إلى الإغفال عن عدد كبير من الأورام أثناء دخول منظار القولون وكذلك أثناء انقلابه قيما بعد.

بالإضافة إلى تنظير القولون، يطبق تخطيط الشرج الصوتي وتخطيط البطن الصوتي وتصوير الحوض والبطن بالرنين المغناطيسي في الفحص قبل الجراحة وكذلك فحص الرئة. أما عمل الخزعة الإجباري، فيعطي فكرة أولية عن تطور الورم ويستخدم في تصنيف مراحل المرض من أجل اختيار منهج العلاج التالي.

تطالب الكثير من الآراء بعمل برامج فردية للعلاج الكيميائي، وبالتالي ينصح باختبار المستحضر الكيميائي قبل الجراحة من أجل تحديد مدى استجابة الورم للمادة الكيميائية.

كما يجب مناقشة جدوى عمل الخزعة الموجهة بالتصوير المقطعي المحوسب عند اكتشاف النقائل في المنطقة المحيطة، أو تضخم العقد اللمفية نتيجة للالتهاب (بغض النظر عن نتائج الفحص الهيستولوجي)، مما قد يؤثر على نتائج العلاج وعلى اختيار منهج العلاج (أساليب العلاج الحديث المساعد مقارنة بالعلاج الجراحي الأولي).

 سرطان القولون.

لا توجد حتى الآن أية أساليب علاجية مساعدة تطبق معيارياً في علاج سرطان القولون ولذلك تتفق الآراء على أن الاستئصال الجذري الموضعي هو العلاج الملائم. ينطبق ذلك أيضاً على الأورام في المراحل المتقدمة موضعياً والأورام المصاحبة بالنقائل. كما أن الاعتقاد بأن استجابة الأورام في المرحلة الرابعة حسب تصنيف UICC للعلاج الكيميائي سيئة وأن العلاج الجراحي يعمل على الوقاية ضد المضاعفات الناتجة عن الورم الأولي أصبحت الآن تواجه آراء معارضة بعد نشر النتائج التي أظهرتها أحد الدراسات الأمريكية.

عامة ينصح في جميع الأحوال بتطبيق العلاج الكيميائي طالما لم يسبب الورم انسداد أو انثقاب أو نزف، حيث تتوافر الكثير من المستحضرات الكيميائية الفعالة ضد خلايا الورم.  أما في حالات انتشار الورم داخل الصفاق، فيجب وضع برنامج علاج فردي متعدد التخصصات اعتماداً على مرحلة المرض ومدى حاجة المريض للعلاج المخفف للألم.

 كما أنه من المعروف أن 50% من حالات سرطان القولون المشخصة تصاحب بالنقائل الكبدية، لذلك ينصح باستئصال النقائل والعقد اللمفية بناء على احتمالات نجاح العلاج العالية. بالمثل ينصح باستئصال الإصابات خارج العقد أو العقد النقيرية عند إصابتها والتي لم تعد من موانع الاستئصال كما كان الوضع في الماضي. يعتبر الأسلوب الجديد للجراحة بأشعة الفوتونات Cyber Knife الذي يكتسب أهمية متواصلة، من الأساليب البديلة والحديثة لاستئصال النقائل.

سرطان القولون والمستقيم
سرطان القولون والمستقيم

 سرطان المستقيم.

يعتمد اختيار منهج علاج سرطان المستقيم في المقام الأول على مدى انتشار الورم وعلى موضع الإصابة حسب المسافة بين حافة الورم وبين الخط الشرجي الجلدي. هكذا وضعت ثلاثة تصنيفات مختلفة حسب ارتفاع الورم: أولاً الأورام في الجزء الأدنى التي تمتد حتى الصفيحة المسننة (حوالي 3 – 6 سم من الشرج)، والأورام في المنطقة ما بين 6 – 12 سم، والأورام التي تصيب الجزء العلوي (12 – 16 سم). هنا يجب الانتباه إلى أن بعض المؤلفين في العالم لا يعترفون بالتصنيف حسب الارتفاع على الأخص في أمريكا والمملكة المتحدة، وبالتالي تختلف مناهج العلاج إلى حد بعيد.

ولن يتناول هذا المقال سرطان الشرج الذي يصنف إلى سرطان القناة الشرجية وسرطان حافة الشرج، بل يكتفي فقط بالإشارة إلى أن العلاج الكيميائي الإشعاعي المساعد يطبق في الآونة الأخيرة بشكل متزايد في علاج سرطان القناة الشرجية بهدف المحافظة على وظائف عضلة المصرة. أما في سرطان حافة الشرج، فيلا يمكن تطبيق العلاج الإشعاعي بسبب الاستجابة الضئيلة، ولذلك تعالج الحالة جراحياً لاستئصال الورم التام بالإضافة إلى حافة أمان كافية (1 سم على الأقل). كما يطبق العلاج المساعد في درجات الورم T4 أو مراحل UICC II-III. عامة يطبق العلاج الجراحي للاستئصال الأولي طالما لم تصاب العقد اللمفية الموضعية بالنقائل أو طالما لم يتخلل الورم جدار المستقيم ليصل إلى أنسجة مسراق المستقيم الدهنية، حيث تتوافر عدة أساليب جراحية: الاستئصال الموضعي والاستئصال عن طريق جدار المستقيم الأمامي، أو الاستئصال بطريق البطن العجاني والاستئصال التنظيري بطريق مسراق المستقيم الخلفي. ساهمت أساليب التشخيص الحديثة مثل التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي وتخطيط الصدى إلى جانب تطور أساليب جراحية جديدة تزيد من كفاءة إزالة الورم، في انخفاض معدل الانتكاس بشكل ملحوظ مدى السنوات الأخيرة.  

على الرغم من ذلك، لا تزال القاعدة العامة علاج الأورام T1 بالاستئصال الموضعي، والاستئصال الجذري في علاج الأورام T2. ولا يزال هناك جدل حول تحديد مجال الاستئصال حسب مرحلة الورم الأولية أم حسب مرحلة الورم بعد الانكماش الناتج عن العلاج الإشعاعي.

من ناحية أخرى يرجع الفضل في نجاح جراحة استئصال مسراق المستقيم التام إلى البنية التشريحية الموائمة في الحوض الصغير. فمسراق المستقيم عبارة عن أنسجة رخوة تحتوي على العقد اللمفية الموضعية التي قد تصاب بالنقائل عند انتشار الورم خارج المستقيم. تقوم لفافة الحوض الصغير بحماية الأوعية الدموية والأعصاب وبالتالي تساهم في المحافظة على الوظائف الانباتية (الوظائف الجنسية ووظائف المثانة). وبالرغم من التحضير الدقيق يظل الاستئصال البطني العجاني هو الخيار الوحيد في حالات معينة.

 الجراحة بالتنظير البطني.

أثبتت العديد من الدراسات المرموقة كفاءة الجراحة بالتنظير البطني في علاج سرطان القولون والمستقيم بالرغم من التحفظات القائمة. فقد أثبتت تلك الدراسات ارتفاع واضح في النتائج الجراحية بالنسبة للمريض (ارتفاع نوعية الحياة) مقارنة بالجراحة المفتوحة. كما تشير المقارنة بين نتائج الدراسات الاسترجاعية العشوائية والدراسات التي أجريت في مراكز متعددة إلى تعادل النتائج السرطانية في الحالتين بالنظر إلى عدد العقد اللمفية ومعدل البقاء على الأمد الطويل ومعدل الانتكاس.هكذا يتضح أن الجراحة التنظيرية (وكذلك الجراحة المدعمة بالوسائل اليدوية) أثبتت كفاءة عالية في علاج سرطان القولون. بالمثل أشارت الدراسات البريطانية CLASICC إلى تعادل نتائج الجراحة التنظيرية والجراحة المفتوحة، على الرغم من إجراء الجراحة التنظيرية في حالات أصيبت بتخلل حواف الورم، لكنها لم تؤثر على النتائج طويلة الأمد. ومع ذلك، وحتى مع الحصول على نتائج مشجعة وتوافر بديل ملائم للجراحة عن طريق المستقيم، فمن المفضل مراقبة نتائج الدراسات الأخرى التي تجرى على الأمد الطويل.

 العلاج الكيميائي الإشعاعي.

يعد العلاج الكيميائي الإشعاعي قبل الجراحة الأسلوب المعياري في علاج أورام المستقيم الخبيثة في المراحل UICC II-III والتي تصيب الجزء السفلي والأوسط من المستقيم. أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت بالتزامن داخل عدة مراكز ألمانية (الدراسة الألمانية حول سرطان المستقيم CAO/ARO/AIO-94, 2004) تفوق هذا الأسلوب على أسلوب العلاج الكيميائي الإشعاعي بعد الجراحة، حيث انخفض معدل الانتكاس الموضعي من 13% إلى 6%، وساهم في تغيير المنهج الجراحي بالنظر إلى الاستئصال المحافظ على وظائف المصرة، وذلك بناء على انكماش الورم الناتج عن العلاج قبل الجراحة.

 وبالرغم من ذلك، فيجب هنا الإشارة إلى أن هذا المنهج العلاجي لم يؤثر في النتائج الإجمالية النهائية بالنظر إلى معدل البقاء بعد 5 سنوات.  وبالتالي يمكن القول أن انخفاض معدل الانتكاس يرجع إلى استجابة أنسجة الورم للعلاج الكيميائي الإشعاعي حيث يرتفع معدل البقاء بعد 5 سنوات في الحالات التي تزيد فيها الاستجابة (86%) عنها في المجموعات التي لا تستجيب لهذا العلاج (63%). ما زال هناك جدل حول جدوى تطبيق العلاج المساعد قبل أو بعد الجراحة، مع أن نتائج الدراسة التي نشرت مؤخراً (EORTC) تشير إلى أن تطبيق العلاج الكيميائي الإشعاعي قبل الجراحة ثم العلاج الكيميائي بعد الجراحة يحقق نتائج إيجابية في مرحلة هدئة المرض فقط.

عامة يمكن الاستغناء عن العلاج الكيميائي المساعد في مراحل الورم 1 و2، وينصح بتطبيقه في المرحلة 3، أما في المرحلة 4 فيجب أولاً تقييم استجابة الورم بعد ثلاثة دورات علاجية وبعد تطبيق العلاج المخفف للألم من أجل تقييم مدى تطور عدوانية الورم.

ولا يؤثر العلاج الكيميائي الإشعاعي المساعد في الأورام التي تصيب الجزء العلوي من المستقيم، وبالتالي يجب في المستقبل القريب اختبار كفاءة الاستئصال الجراحي الجزئي لمسراق المستقيم مقارنة بالاستئصال الكامل مع خضوع المريض إلى العلاج الكيميائي والعلاج بحمض الفوليك وأكسال البلاتين. كما اكتسب  مستحضر Bevacizumab إلى جانب العلاج الكيميائي التقليدي في الأعوام الماضية أهمية متزايدة في وقف نمو الأوعية الدموية حيث ثبت كفاءته كالعلاج الوحيد الذي يرفع من معدل البقاء بشكل ملحوظ عند استخدامه في العلاج الأولي بغض النظر عن حالة K-RAS.

 وقد وصفت ثلاثة تأثيرات رئيسية على شرط استمرار العلاج، لأن التوقف عنه يسبب نمو أوعية دموية جديدة:

– تدمير الأوعية الدموية التي تتكون اعتماداً على عامل نمو الظهارة الوعائية (VEGF)

– تحسن الدورة الدموية والضغط الخلالي يعزز تأثير المستحضرات الكيميائية و Bevacizumab

– وقف نمو الورم نتيجة وقف تكون أوعية دموية جديدة.

كما تشير التجارب الجديدة إلى نجاح العلاج بالإيرينوتيسان (Irinotecan ) مع الفلورويوراسيل – 5 مع إضافة Bevacizumab عند طفرة الجين K-RAS. بالإضافة يجب تطبيق العلاج الإشعاعي في حالات سرطان المستقيم.

وبالرغم من ملائمة العلاج الكيميائي الإشعاعي للمراحل UICC II-III، يعتمد نجاح العلاج على استئصال حافة أمان كافية، بينما يطبق العلاج الإشعاعي القصير قبل الجراحة للوقاية ضد الانتكاس. وقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن تطبيق العلاج الإشعاعي القصير قبل الاستئصال الجراحي يؤدي إلى انكماش الورم، مما يعني توافر مناهج جديدة في العلاج المساعد بالنظر إلى استقرار الحالة. وتعتبر الوقاية ضد سلس البراز والمحافظة على وظائف المصرة الشرجية من العناصر الرئيسية التي يجب الاهتمام بها، حيث تشير عدد من الدراسات الحديثة إلى عدم تأثر المصرة الشرجية بالعلاج الكيميائي الإشعاعي المساعد. ومع ذلك تشير التجربة الشخصية إلى إصابة عدد من المرض بسلس البراز الجزئي أو حتى السلس التام بداية من العام الثاني بعد العلاج، بالإضافة إلى إصابة عدد من المرضى بالتهابات في منطقة الشرج نتيجة للعلاج الإشعاعي، يصعب علاجها في الكثير من الحالات.

المآل والرعاية التالية.

يعتمد المآل على مرحلة الورم وعلى مدى انتشاره وعلى دقة الاستئصال الجراحي الذي يعتمد بدوره إلى حد بعيد على مهارة الجراح، فتراوح معدل الانتكاس في أحد الدراسات بين 9 = 42% طبقاً لمهارة وخبرة الجراح.

هذا وتحدث 85% من حالات الانتكاس في الخمسة أعوام الأولى بعد الجراحة، ولذلك يجب عمل المراقبة المنتظمة (جدول3) والتي قد تتغير طبقاً للحالة الفردية.

المتابعة بعد العلاج.

شخصت إصابة مريض عمره 55 عاما بسرطان القولون في المرحلة T3 N0 M0 G2. خضع المريض أولاً للعلاج الكيميائي الإشعاعي ثم استئصال المستقيم التام بالطريق البطني العجاني وفغر القولون النازل. استغرق التئام الجرح في منطقة العجان فترة طويلة (حوالي 6 أشهر). كما شخصت الإصابة بالنقائل الكبدية المتطورة دون انتكاس العقد اللمفية أو انتشار النقائل داخل الرئة. خضع المريض إلى ثمان دورات من العلاج الكيميائي.

عند عمل الفحص التالي شخصت إصابة العقد اللمفية وانتشار النقائل الكبدية إلى جانب انتشار النقائل داخل الرئة. حضر المريض إلى الفحص بناء على الشكوى من ورم جديد وألم في منطقة العجان ثبت أنه  ورم غدي سرطاني. عند مناقشة الحالة ظهرت تساؤلات حول جدوى استمرار العلاج الكيميائي بعد الدورة الرابعة خاصة بعد الحصول على بيانات تؤكد تدهور الحالة طوال فترة العلاج.

 

بعد تشخيص إصابة مريضة أخرى عمرها 64 سنة بورم لفائفي قولوني في المرحلة T2 N1 M0 G2، نصح بتطبيق العلاج الكيميائي المساعد بناء على تشخيص إصابة العقد اللمفية الموضعية والشك في انتشار النقائل إلى الكبد، لكن المريضة رفضت هذا المنهج. بناء على ذلك تم استئصال نصف القولون ولم تثبت الإصابة بالنقائل ، بينما تم إزالة العقد اللمفية الموضعية. أثبت الفحص الهيستولوجي خلو العقد اللمفية تماماً من السرطان بينما ثبت أن النقائل المشتبه فيها بالكبد مجرد ورم دموي غير ضار. خضعت المريضة للعلاج التقليدي بعد الجراحة ثم الفحص الأول حيث ظهر خلوها من الأورام.

 الخلاصة.

تواجه الرعاية الطبية الحديثة تحديات ضخمة في علاج الأورام، قد تتعدى في بعض الأحيان الإمكانيات المتوافرة. من المتوقع أن يظل منهج العلاج الذي يجمع بين الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي الأسلوب المثالي، شرط ألا يؤثر على فرص البقاء أو على نوعية الحياة. تبشر الدراسات الحديثة بالأمل بالرغم من تطبيق أساليب علاجية غير لازمة لم تعد بفائدة على المريض في أكثر من 85% من الحالات. لازالت هناك فجوة كبيرة بين عمل الأبحاث الوراثية وبين تطبيق النتائج ضمن المناهج الإكلينيكية، لذلك ينادي الكثير من الآراء بتكثيف التعاون بين الأبحاث العلمية وبين الدراسات الإكلينيكية. من المتوقع في العامين القادمين إجراء الدراسات الإكلينيكية على أكثر من 40 مادة جزيئية جديدة من خلال مناهج بحثية تقليدية. لا زال حتى الآن تطبيق نتائج الأبحاث ضمن الرعاية الطبية يستغرق ما يقرب من 10 سنوات، بالرغم من استخدام بعض المستحضرات الدوائية التي أثبتت نجاحها قبل انتهاء الدراسات التي تؤكد هذا النجاح.

وضع في الآونة الأخيرة عدد من القواعد الخاصة بالعلاج لكنها لازالت تستخدم كإرشادات مساعدة على اختيار منهج العلاج كما تشير الحالتان سابقتا الذكر. وبينما تظل تكلفة الفحص الوقائي في المتناول، قد تتخطى تكلفة العلاج جميع الإمكانيات المتاحة على الأخص في مراحل المرض المتأخرة، وذلك بغض النظر عن الأعباء التي تواجه أفراد الأسرة بالنظر إلى الرعاية التالية وانخفاض نوعية حياة المريض. لذلك يجب هنا التشديد على أهمية الفحص الوقائي المنتظم في الاكتشاف المبكر، وعلى الدور الهام الذي تلعبه حملات التوعية على غرار الحملات الخاصة بمحاربة انتشار سرطان الثدي وسرطان البروستاتة.

 

السابق
ازالة الجلد الزائد:اساليب العلاج المختلفة
التالي
علاج اللوز:اسباب حدوث المرض-طرق العلاج الحديثة